نصيحة لإخواننا علماء نجد
يوسف بن السيد هاشم الرفاعي
[ قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ * قُل لَّا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ * قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ [ سبأ : 24 ، 25 ، 26
[ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [ النحل : 90
[ يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءنَا [ غافر : 29
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه الكرام ومن والاه .
وبعد : فانطلاقا من قول النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم :
" الدين النصيحة ، قلنا : لمن ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم " .
فبعد صدور كتابي ( الرد المحكم المنيع ) وصدور عدة كتب لأهل العلم انتظرت لعله ينصلح او يتغير شيء من تصرفاتكم واساليبكم .. ولكن لم يحصل من ذلك شيء .
وحيث أن الله تعالى يقول في سورة العصر :
(وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)
فقد عزمت بعد الاستخارة ان اتوجه إليكم بهذه النصيحة التي ارجو ان تكون مقبولة سائلا المولى تعالى ان يرينا وإياكم الحق حقا ويرزقنا أتباعه وان يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وان لا يجعله علينا متشابها فنتبع الهوى ، والله الهادي للصواب .
فأقول وبالله التوفيق :
1- لا يجوز اتهام المسلمين الموحدين الذين يصلون معكم ويصومون ويزكون ويحجون البيت ملبين مرددين : " لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك " .
لا يجوز شرعا اتهامهم بالشرك كما تطفح كتبكم ومنشوراتكم ، وكما يجأر خطيبكم يوم الحج الأكبر من مسجد الخيف بمنى صباح عيد الحجاج وكافة المسلمين ، وكذلك يروع نظيره في المسجد الحرام يوم عيد الفطر بهذه التهجمات والافتراءات أهل مكة والمعتمرين ، فانتهوا هداكم الله تعالى ، وترويع المسلم حرام ، لا سيما اهالي الحرمين الشريفين ، وفي هذا المعنى نصوص شريفة صحيحة .
2- لقد كفرتم الصوفية ثم الاشاعرة وانكرتم واستنكرتم تقليد وإتباع الأئمة الأربعة ( أبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل ) في حين أن مقلدي هؤلاء كانوا ولازالوا يمثلون السواد الأعظم من المسلمين ، كما ان المنهج الرسمي لدولتكم والذي وضعه الملك عبد العزيز رحمه الله ينص على اعتماد واعتبار المذاهب الأربعة فانتهوا هداكم الله تعالى .
ومن كان كافرا بعد إسلامه فهو في حكم المرتد الذي يباح دمه فتذكروا حديث نبيكم المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم : " لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض " ( 1 ) .
3- بعد ان فرغتم ممن سبق ، سلطتم من المرتزقة الذين تحتضونهم من رمى بالضلال والغواية الجماعات والهيئات الإسلامية العاملة في حقل الدعوة والناشطة لإعلاء كلمة الله تعالى والآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر كالتبليغ ، والإخوان المسلمين ، والجماعة (الديوبندية) التي تمثل أبرز علماء الهند وباكستان وبنغلاديش، والجماعة ( البريلوية ) التي تمثل السواد الأعظم من عامة المسلمين في تلك البلاد ، مستخدمين في ذلك الكتب والأشرطة ونحوها ، وقمتم بترجمة هذه الكتب الى مختلف اللغات وتوزيعها بوسائلكم الكثيرة مجانا، كما نشرتم كتابا فيه تكفير أهل ابو ظبي ودبي والاباضية الذين معكم في مجلس التعاون .
أما هجومكم على الأزهر الشريف وعلمائه فقد تواتر عنكم كثيرا .
4- ترددون جملة الحديث الشريف : " كل بدعة ضلالة " ( 1 ) بدون فهم للإنكار على غيركم ، بينما تقرون بعض الأعمال المخالفة للسنة النبوية ، ولا تنكرونها ولا تعدونها بدعة ، سنذكر بعضا منها فيما يأتي.
5- إنكم تغلقون مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلاة العشاء مباشرة – وهو الذي لم يكن يغلق قبلكم في حياة المسلمين – وتمنعون الناس عن الاعتكاف والتهجد فيه ، وتنسون قول الله تعالى :
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيم [البقرة:114] .
6- تفرضون على المؤذنين الحجازيين أسلوبا معينا في الأذان هو أسلوبكم في نجد ، وزمنا معينا محدودا ، وتطلبون عدم ترخيم الصوت وتحليته بنداء المسلمين لهذه الشعيرة العظيمة ( الصلاة ) .
7- تمنعون التدريس والوعظ في الحرمين الشريفين ولو كان المدرس من كبار علماء المسلمين حتى لو كان من علماء الحجاز والأحساء ما لم يكن على مذهبكم وبإذن صريح منكم مكتوب ومختوم منكم فقط ويمنع غيركم حتى لو كان شيخ الأزهر الشريف ، فاتقوا الله ولا تغلوا في مذهبكم واحسنوا الظن بإخوانكم من علماء المسلمين .
تمنعون دفن المسلم الذي يموت خارج المدينة المنورة ومكة المكرمة من الدفن فيهما وهما من البقاع الطبية المباركة التي يحبها الله ورسوله ، فتحرمون المسلمين ثواب الدفن في تلك البقاع الشريفة المباركة ، فعن عبد الله بن عدي الزهري رضي الله عنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته واقفا بالحزورة يقول : "والله إنك لخير ارض الله واحب ارض الله الى الله ، ولولا أخرجت منك ما خرجت " ( 1 ) .
وعن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من استطاع ان يموت بالمدينة، فليمت بها ، فإني اشفع لمن يموت بها " ( 1 ) .
9- تمنعون النساء من الوصول إلى المواجهة الشريفة أمام قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم والسلام عليه أسوة بالرجال ، ولو استطعتم لمنعتم النساء من الطواف مع محارمهن بالبيت الحرام ، خلافا لما كان عليه السلف الصالح والمسلمون ، وتحقرون النساء المؤمنات المحصنات القانتات ، تنهرونهن ، وتحجبونهن عن رؤية المسجد والإمام بحواجز كثيفة ، وتنظرون إليهن نظرة الشك والارتياب . وهذه بدعة شنيعة لأنه إحداث مالم يحدث في زمنه عليه الصلاة والسلام والسلف الصالح ، فقد كان يلي الإمام صفوف الرجال ثم الصبيان ثم النساء ، يصلون جميعا وبلا حواجز خلفه صلى الله عليه وآله وسلم .
10- أتيتم بالمرتزقة والجهال من العابسين عند المواجهة الشريفة يستدبرون المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بأقفيتهم وظهورهم ويستقبلون زواره والمسلمين بوجوه عابسة مكفهرة تنظر إليهم شزرا متهمة إياهم بالشرك والابتداع يكادون أن يبشطوا بهم ، يوبخون هذا وينتهرون ذلك ويضربون يد الثالث ويرفعون أصواتهم زاجرين متجاهلين وناسين قول الله تعالى :
[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ] الحجرات : 2 ، 3 ، 4