في يوم سالت الطفل عن ابيه
فبكا حتى رايت دموعه على ايديه
قال لي استسمحك بان لا اجيب
فقلت لن اسمح لدموعك ان تنهمر
دون ان تخبرني ما الامر الغريب
فقلت قصتي مع ابي تبدأ حين كنت طفلا في الخامسة عشر من العمر
كنت احلم بان اكون ناجحا طول الدهر
دون ان اتوقف او يسيطر علي القهر
قلت له : وبعد ؟
قال :
كنت من المتفوقين في كل موضوع
اجتهد في ما كنت اراه والافضل في كل امر مسموع
وكانت احلامي لا تتركني ولا ادعها تغيب عن عيوني
كانت تداعب ايامي وتأملني في زماني
وجاء يوم اثبات مكاني وابراز احقيتي بان يتحدث عني زماني
وكنت الاول على مدرستي بعد ما كنت اكثر الطلاب اعاني
وبعد ايام حصلنا على نتائجنا وكنت الافضل
وبدات ارى الاماني تقترب ولكن
باضطراب لانها تعلم ما اعاني
في يوم التكريم
كان يجب عليّ ان احضر ابي ليكون الشاهد الداني
ليقترب مني ويقبلني امام كل من كان امامي
ولكن الرفض على المجيء
كان المهيمن على احلامي
يأس وقلق صاحبني وكنت ارى الشمس تشرق امامي
وموعد التكريم يقترب شيئا فشيئا
ودموعي بللت ثيابي وانستني زماني
ذهبت وحيدا الى التكريم دون اب او اخ او صديق حاني
وحيدا اجلس في صفوف المتفوقين لا انظرالا امامي
جاءني الاستاذ قائلا اشر الي وقل
اي الاباء مربيك الحاني
كانت دمعتي اقرب من يدي لتشير الى عدم حضور من وصفه الاستاذ بالحاني
وكانت دموعي اكبر دليل على فقداني
لاجمل حنان وامان قد اشعره بوجداني
نظرة من المعلم وغمرة اشعرتني بما حرمت من حناني
قال اجعلني انوب عنه حتى ينتهي تكريمك الجاري
دون اي سابق انذار انهمرت دموعي
وكانت كالسماء التي انزلت ماء بعد امساك طال اعوام
غمرة من معلمي انستني بعضا من الامي
اقترب اسمي ان ينادى وانا احاول ان اداري
ما اصابني حتى قيل اسمي وخرجت متناسيا الامي وحزني واندثار احلامي
وبعد التكريم وقبل انتهاء الحفل
خرجت من القاعة مسرعا ودموعي
تنساب امامي وخلفي ومن كل مكان
كانت للارض كقطرات الندى
وصلت البيت
وانا احاول ان التقط انفاسي
دخلت غرفتي وبقيت على حالتي
من بكاء شديد يخرج من اعماقي
واذ بأبي يطرق بابي
فدخل الغرفة فسالني عن حالي
فقلت لم يكن امر رفضك بالسهل
حين علم سبب بكائي كان قلبي باضطراب
خوفا من ردة فعل او انزال عقاب
فما كان منه الا ان مزق شهادة تقديري امام عيوني
وكنت انظر الى ما يحدث حولي
هل هو حقيقة ام من نسج خيالي ؟!
شعرت للحظه اني لم اكن بوعيي
او هو حلم افقدني عقلي
كان قلبي يتمزق كما تمزقت
شعرت بالم في قلبي لم اشعره من قبل
ان يصيب احلامي قهر وتسلط دون وعي اعماني
اصبحت ابكي دما بدل الدمع
من شدة بكائي وقعت مغشيا في فراشي
وحين استيقظت رايت استاذي يقف امامي
خائفا مما قد يصيبني
صدمة ام عقدة ام موت او فراق
كان ينظر الي خائفا ان افارقه دون عناق
وكان يحمل معه شهادة اخرى
غيرتلك التي مزقت قلبي بتمزقها
وبها تجددت احلامي
قبّل راسي ووضعها على صدري
وقال:
هذه وسام لك وسافتخر بك حتى مماتي
تمنيت للحظه ان يكون اب او اخ صاحب او صديق
كان دائما ينير لي الطريق
فعلمت حينها معنى مقولة نسمعها دون ان نطيق
قم للمعلم وفه التبجيل كاد المعلم ان يكون رسولا
حينها عملت ان المعلم نحتاجه في الضيق
ما لم نكن نملك صديق او ما ينير لنا الطريق
*علاء عابده (night.moon90@hotmail.com )