ثاني أكبر قضية تهم، أوبالادق ، تهز الانسان العربي بعد الدين هي غشاء البكارة عند البنت، والويل ثم الويل لمن تخسر بكارتها قبل الزواج، فلا عائلتها ستغفر لها جريمتها، ولا مجتمعها سيقبل بها عضواً محترماً وفعالاً فيه. والبنت، كالشاب تماماً، تجهل، تحب، تحلم، وتثور غريزتها الجنسية إثر كل ملامسة وتغزّل وقبلة، ومع ذلك لا يحق لها ما يحق للشاب، فهو إذا خسر بكارته، أثناء ممارسته العادة السرية، أو مضاجعة إحدى النساء، صار رجلاً، وإذا أوقع امرأة بحبائله الغرامية أصبح زير نساء، وإذا فض بكارة أنثى أحبته ووثقت به، زغردت له نساء الحي، وأغدق عليه الرجال لقب بطل.. بينما جزاء من غرر بها الرجم والموت المؤكد.
تنمو الفتاة الشرقية وينمو معها هم غشاء بكارتها، فإذا لمست فخذيها صاحت أمها مؤنبة، وإذا ركضت أو قفزت أو وقعت أرضاً تفحّصوا ثيابها الداخلية بتأن بالغ كي لا يكون دم البكارة قد تفجّر وفجّر مستقبل فتاتهم البريئة الطاهرة واذا نزلت منها نقطة دم اتصلت بدكتور أحدى المجلات الإلكترونية لتستوضحه الأمر، ولتسأله عن مكان غشاء البكارة: أهو في أول المهبل، أم في منتصفه، أم في آخره؟ خوفاً من أن تخدشه. جهل ما بعده جهل، يجب إنقاذ أجيالنا الصاعدة منه.
في أوطاننا العربية، وفي زمن الصعود إلى الفضاء، ما زالت المؤسسات النسائية تجهد من أجل تغيير القوانين البدائية الجاهلة، التي تسمح لأفراد عائلة الفتاة (المذنبة) بغسل عارها عن طريق الفتك بها دون رحمة، أو دون أن يحاسبهم القانون على بربريتهم تلك. وكم من الجرائم وقعت باسم الذود عن شرف العائلة ومحو عارها وكأن شيئاً لم يكن. ونحن لو فكّرنا قليلاً لوجدنا أن الغرب قد مرّ بتلك المراحل المعتمة التي نمر بها ومن ثم تخلى عنها تدريجياً بعد أن أعطى الفتاة حرية مطلقة، فأصبح جسدها ملكها، متى تخطت السن القانونية، بعد أن كان ملك عائلتها، تفعل به ما تشاء، وتهبه لمن تشاء، دون خوف أو رهبة.
ومن جرائم الشرف التي هزتنا جميعا قصة ذلك الشقيق الذي همسوا بأذنه أن خطيب أخته قد فض بكارتها، فجن جنونه، وقصدها إلى مكان عملها ، وما أن رآها حتى انهال عليها طعناً بسكين يحملها، فوقعت المسكينة مضرجة بدمائها، ولم يكتف بذلك بل ذبحها من الوريد إلى الوريد كي يشفي غليله، وكي لا يتمكن أحد من إنقاذ حياتها.
إنه جنون الشرف، وإن كان بلا شرف، فبمجرد إشاعة بسيطة، قد تكون كاذبة، من أناس نمامين، تخسر الفتاة العربية حياتها، ولنفترض جدلاً أن خطيبها قد فض بكارتها، أما كان من المستحسن أن تجتمع به العائلة وتجبره على الزواج منهاً، بدلاً من ذبحها كالشاة، وتعريض الأخ الثائرلشتى أنواع الأحكام القضائية التي سيكون أولها الإعدام.
. أنا، بطبعي، ما زلت محافظاً، أرفض إباحية الغرب المطلقة، ولكنني بنفس الوقت أرفض قسوة الشرق الظالمة على الفتاة، وكأنها لا شيء، جسم بدون إحساس، أو قلب لا ينبض بالحب. فقليل من الحرية قد ينعش قلبها، ويجعلها تميّز بين الخير والشر، خاصة إذا زودناها بدراسة جنسية قبل البلوغ، تماماً كما تفعل المدارس الأسترالية مع طلاب وطالبات الصفوف السادسة الابتدائية. إنها تلقحهم بثقافة جنسية واعية ومتفهمة قبل دخولهم سن المراهقة، حيث الجنون والطيش وارتكاب الحماقات المختلفة.
سيظل شرقنا العربي التعيس خاضعاً لهاجسين: الدين وغشاء البكارة.. وسيظل يمارس الحب والرذيلة والعادة السرية بتكتم شديد، حتى لا يفتضح أمره، وتعتقله شرطة الأخلاق، أو تذبحه سكين اخ ثائر، كما حدث ويحدث دائماً.