ابحث عن ذاتك في عمق الأعماق في امتداد البحر ترى ما لا يمكن رؤيته ، ترى ما بعد الخيال وما بعد الحقيقة ربما ترى الخط الفاصل بينهما. في امتداد البحر ترى الصديق الوفيّ وترى العدوّ اللدود. في امتداد البحر ترى حياتك وذكرياتك وترى حاضرك ومستقبلك ، ترى كل شيء في اللاشيء . عندما ترى سفينة في عُرض البحر , تتخيلها دائما كأنها عنوان النّجاح , كأنك تنتظرها وتمدّ لها يديك , تراها وكأنها مستقبلك الآتي لا محالة . وعندما ترى تلاطم الأمواج ، تشعر وكانك غارق ولا سبيل لك للهرب حتى لو كنت على أبعد نقطة على الشاطئ ، توحي لك بأنها قادمة إليك وحدك لتخطف شبابك وتسحق ربيع عمرك. أمّا عندما ترى صَدَفة على الشاطئ تركض نحوهاكطفل صغير وتحتضنها ، وكأنك كنت تفتقدها كثيرا هذه هي حبيبتك التائهة ، تضعها على أذنك لتصغي لأنينها المتواصل وسكوتها القارس الذي يشعرك بقشعريرة داخلية وحبّ أبديّ تقربها إليك أكثر وكأنك تنتظر أن تسمع منها شيئا تشتاق إليه ، ربما تنتظر أن تقرئك أسرار البحر ، أو أن تُسرّ لك بحبك الدّفين ، ولكنك لا تعلم أنك تسمع ذاتك تسمع صوت قلبك داخل صَدَفة. ولكن الأجمل من ذلك ، أن تسمع صوت من تُحبّ داخلها وترى صورته معكوسة على مياه البحر الهادئ فتتخيله قادما إلك من بعيد ، مقبلا بابتسامة مشرقة تعيد لك أجمل لحظاتك ، ولكنّ الجرح يكمن عندما تمدّ يديك لتتلقاه بلهفة فلا ترى إلّا سرابا يجرُّك على عمق البحر فتصبح كبحار البحر التي تخبّئ داخلها لؤلؤة شفافة تتوق لها قلوب البشر وتتراكض للحصول عليها والتشرف باقتنائها ... إنها قلبك. ولكن لا تخف فعمق البحر فيه الكثير ، فيه الحوريّة التي تنتظرك منذ قرون ، انتظرتك طويلا وها أنت لها الآن ، لا تخف فهي الوحيدة من ستمنحك الخلود الأبديّ وهي الوحيدة من ستمنحك الحبّ اللؤلؤيّ ولن تكون سرابا كغيرها. فلا أعتقد أنّ هناك أحد بعد يستطيع كتمان أسرارك ودفنها ، إلا هي لأنّ قلبها أكبر مما تتخيل *ولكن هذا ما علّمتني الأيام ، قلوب لا تصفح ولا تكتم الأسرار.